خديجة المرابط، حفيدة موحى وحمو الزياني، تمثل المغرب في قمة السلام العالمية بكوريا الجنوبية... "ذاك الشبل من ذاك الأسد"
- gherrrabi
- 28 سبتمبر
- 5 دقيقة قراءة

تشيونجو، كوريا الجنوبية، 18 - 20 شتنبر 2025 - تشرفت السيدة المرابط خديجة أم البشائر بصفتها الرئيسة الدولية لـ INLW - الشبكة الدولية للنساء الليبراليات، ومؤسسة فرع الشبكة بالمملكة المغربية، بالمشاركة مع الأمينة العامة لـ INLW السيدة روث ريتشاردسون في "قمة السلام العالمية HWPL لعام 2025"
"قمة السلام العالمية HWPL لعام 2025" التي استضافتها مجموعة السلام النسائية الدولية (IWPG)، والتي عقدت في تشيونجو، كوريا الجنوبية، وكان شرفًا كبيرًا لها، أن تمثل بلدها المغرب لأول مرة في هذه القمة، وأن تحضر "مؤتمر قادة السلام العالمي HWPL لعام 2025" تحت شعار "متحدون من أجل السلام والوفاء بواجب الإنسانية معًا"، والذي يجمع قادة متميزين من جميع القطاعات من جميع أنحاء العالم لإحياء ذكرى قمة السلام العالمية HWPL في 18 شتنبر التي عقدت أول مرة في عام 2014، لمناقشة خطط العمل المنسقة والتأكيد على دور كل طرف، بناءً على رسالة برنامج تشريع السلام، وهي حملة سلام عالمية تركز على المواطن، حتى يمكن إرساء السلام كثقافة ومعيار اجتماعي مشترك بين جميع المواطنين.
تشرفت السيدة خديجة أم البشائر المرابط أيضاً بحضور "مؤتمر المرأة الدولي للسلام لعام 2025 " في تشيونجو، كوريا الجنوبية، الذي نظمته مجموعة المرأة الدولية للسلام IWPG، الذي تميز بحضور منظمات دولية وضيفات ومشاركات بارزات من جميع أنحاء العالم. وخلال المؤتمر، تحدثت الأمينة العامة للشبكة الدولية للنساء الليبراليات INLW، السيدة روث ريتشاردسون، عن "تعزيز القيادة النسائية في جميع المشاورات المتعلقة بتغير المناخ والمياه والسلام والأمن".


تميزت مشاركة الشبكة الدولية للنساء الليبراليات INLW في هذا النشاط الدولي الرفيع المستوى بتوقيع مذكرة تفاهم على الصعيد الدولي بين المجموعة الدولية للمرأة من أجل السلام (IWPG) - المنطقة العالمية الثامنة، والشبكة الدولية للنساء الليبراليات (INWL) في 18 شتنبر 2025 في تشونغجو، كوريا الجنوبية. تهدف هذه الاتفاقية إلى التعاون من أجل تحقيق السلام العالمي، والنهوض بحقوق المرأة، والترويج المشترك لتعليم السلام ومشاريع السلام المتنوعة، بما في ذلك قيادة المرأة في مجال السلام.
"ذاك الشبل من ذاك الأسد"
موحى وحمو الزياني من أبرز رجال المقاومة في التاريخ المغربي الحديث. اشتهر بنضاله المستميت في معركة الهري الشهيرة التي أباد فيها الكثير من قوات الجيش الفرنسي قرب مدينة خنيفرة في الأطلس المتوسط، وكان ذلك في سنة 1332 ھ (1914 م). وحدث ذلك بعد أن حاصر الفرنسيون مخيم قائد قبائل زيان من جميع النواحي قصد القضاء عليه بصفة نهائية. توفي مستشهدا في رجب 1339 (1921 م) عن عمر يناهز 80 سنة في معركة ضد الجيش الفرنسي بقيادة الجنرال بويميرو.
معركة الهري.. دروس خالدة في المقاومة والإباء والعزة الوطنية...
تقدم ملحمة الهري، دروسا خالدة في المقاومة والإباء والعزة الوطنية، كونها شكلت إحدى أشهر المعارك التي انتصرت فيها إرادة المجاهدين المغاربة، المستندة إلى الحق المشروع، على مظالم سلطات الحماية خلال بدايات مرحلة المقاومة المسلحة.
وقد مثلت تلك المعركة التاريخية محطة مضيئة في مسار المقاومة الباسلة، قادها البطل المقاوم موحى وحمو الزياني رفقة أهل زيان والقبائل الأمازيغية المتحالفة، في أروع صور الاستبسال والتضحية والشهامة والإيمان القوي بوحدة الصف والدفاع عن حوزة الوطن في وجه المحتل، الذي شكلت بالنسبة له فاجعة كبرى دفعته إلى إعادة حساباته، وجعلت المغاربة أكثر إصرارا على التشبث بوحدتهم وتعزيز تضامنهم من أجل تحرير البلاد من الاستعمار ، الذي أدرك حينها أن التحكم في مقدرات البلاد ومصادرة تطلعات الشعب المغربي إلى الحرية لن يقابلاهما سوى تأجيج المقاومة وتقديم مزيد من التضحيات العظام.
وكذلك كانت البداية، إذ بعد أشهر من بسط الجيوش الفرنسية نفوذها على مدينة خنيفرة، وتحت الهجومات والضربات الموجهة إليها من طرف المقاومين، لم تتوقع أن تتكبد كل تلك الخسائر في الأرواح والعتاد بمعركة لهري، حيث سقط أكثر من 680 قتيلا، بينهم 33 ضابطا، وقائدهم الكولونيل لافيردور، علاوة على أزيد من 170 جريحا، بينما غنم المقاومون أسلحة وذخائر حية كثيرة.
كان رد المقاومة عنيفا وأشد بأسا حيث زاد عدد المقاومين بعد انضمام سائر القبائل الزيانية والمجـاورة لها وهـي قبائــل اشقيـرن، آيت اسحـاق، تسكـارت، أيت احند، ايت يحيى، آيت نوح، آيت بومـزوغ، آيت خويا، آيت شارط وآيت بويشي، وتم استخدام كل أساليب القتال من بنادق وخناجر وفؤوس، وقد تحمست كل هذه القبائل لمواجهة المحتل للثأر لنفسها ولزعيم المقاومة موحى وحمو الزياني، وأبانت عن روح قتالية عالية، ومما زاد من دهشة القيادة الاستعمارية، الحضور المكثف والسريع للقبائل رغم المسافات التي تفصل بينها
ولم تقف الخسائر في صفوف المستعمر عند هذا الحد، بل تفاقمت بعدما قام موحى وحمو الزياني في 16 نونبر 1914 ، أي بعد مرور ثلاثة أيام على معركة الهري ، بتصديه بفرقة مكونة من 3 آلاف مجاهد لزحف العقيد «دوكليسيس» الذي كان قادما من تادلة لنجدة وإغاثة ما تبقى من الجنود المقيمين بخنيفرة، وكبده المجاهدون خسائر فادحة في الأرواح والعتاد.
وفي اعتراف مر بهزيمة المستعمر في هذه المعركة، كتب الجنرال غيوم، وهو ضابط فرنسي شارك في الحملة على الأطلس المتوسط، في مؤلفه «البربر المغاربة وتهدئة الأطلس المتوسط 1912 – 1933»، أن القوات الفرنسية «لم تمن قط في شمال إفريقيا بمثل هذه الهزيمة المفجعة»، معتبرا أن المقاتل الزياني «محارب لا نظير له» على خلفية شجاعته النادرة واستخفافه بالموت وهيامه الفطري للاستقلال وكراهته الغريزية لكل توغل أجنبي.
وكانت معركة الهري قد اندلعت بعدما تم احتلال ما كان يسمى في نظر الاستعمار بـ»المغرب النافع»، السهول والهضاب والمدن الرئيسية، وبعدما تمكن الجيش الفرنسي من ربط المغرب الشرقي بنظيره الغربي عبر تازة في ماي 1914، لتتوجه أنظار الإدارة الاستعمارية نحو منطقة الأطلس المتوسط، وبالضبط إلى مدينة خنيفرة لتطويقها وكسر شوكة مقاومتها، في أفق فتح الطريق بين الشمال والجنوب عبر هذه القلعة الصامدة والتي شكلت إحدى المناطق التي اتخذها المقاومون مركزا للكفاح ضد الاستعمار.
وفي غمرة هذه الظرفية التاريخية، انطلقت أولى العمليات العسكرية، وأنيطت مهمة القيادة بالجنرال هنريس الذي اعتمد في سياسته على أسلوب الإغراء، حيث حاول التقرب إلى زعيم المقاومة موحى وحمو الزياني الذي كان يرد بالرفض والتصعيد في مقاومته. حينئذ تبين للمستعمر أن مسألة زيان لا يمكن الحسم فيها إلا عن طريق الخيار العسكري.
وبالفعل، بدأت سلسلة من الهجومات على المنطقة، وترك الحاكم الفرنسي ليوطي للجنرال هنريس كامل الصلاحية واختيار الوقت المناسب لتنفيذ العملية. وقد نجحت القوات الاستعمارية في احتلال مدينة خنيفرة، بعد مواجهات عنيفة، إلا أن الانتصار الذي حققه الفرنسيون لم يمكنهم من إخضاع موحى وحمو الزياني الذي عمد إلى تغيير استراتيجية مقاومته، وإخلاء المدينة المحتلة هروبا من الاستسلام والخضوع، للاعتصام بالجبال المحيطة بخنيفرة وبالضبط بقرية الهري قرب نهر اشبوكة، وذلك في انتظار أن تتغير المعطيات، خاصة وأن أجواء الحرب العالمية الأولى أصبحت تخيم على أوروبا.
وما أن ذاع خبر وصول موحى وحمو الزياني إلى قرية الهري حتى سارعت القيادة الفرنسية إلى تدبير خطة الهجوم المباغت على المجاهدين، غير آبهة بالأهالي الأبرياء من أطفال وشيوخ ونساء. وفي هذا الوقت، قرر الكولونيل لافيردير القيام بهجوم على معسكر الزياني وكان ذلك ليلة 13 نونبر 1914، حيث تم الإعداد له بكل الوسائل الحربية المتطورة وحشد عدد كبير من الجنود.
وتحولت منطقة الهري إلى جحيم من النيران، وسمعت أصوات الانفجارات في كل المناطق المجاورة. وظن قائد الحملة العسكرية على قرية الهري أن النصر صار حليفهم، وأنه وضع حدا لمقاومة الزياني، غير أنه أصيب بخيبة أمل حينما فوجئ برد فعل عنيف من طرف المقاومين.
وبالفعل، كان رد المقاومة عنيفا وأشد بأسا، حيث زاد عدد المقاومين بعد انضمام سائر القبائل الزيانية من اشقيرن، آيت إسحاق، تسكارت، آيت احند، آيت يحيى، آيت نوح، آيت بومزوغ، آيت خويا، آيت شارط وآيت بويشي. وتم استعمال كل أساليب القتال من بنادق وخناجر وفؤوس، وتحمست جل هذه القبائل لمواجهة العدو للثأر لنفسها ولزعيم المقاومة موحى وحمو الزياني، وأبانت عن روح قتالية عالية كبدت المستعمر الفرنسي أشد الخسائر.
لقد شكلت معركة الهري تحديا حقيقيا للغزو الأجنبي وتصديا قويا للمخطط التوسعي الذي ابتغته قوات الاحتلال للسيطرة على الأطلس المتوسط، ليكون الاحتفاء بذكرى هذه المعركة لحظة تاريخية للتأمل والتدبر في مسلسل الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال وتحقيق الوحدة الترابية.
إن إحياء هذه الذكرى يظل وفاء حقيقيا لرجال ونساء المقاومة الذين جسدوا أبهى صور الصمود في وجه المحتل الأجنبي، كما أنها تؤرخ لصفحات من النضال الوطني الذي خاضه أبطال أشداء تصدوا بأنفة وشجاعة لجيوش غازية معززة بأسلحة متطورة، فرغم اختلال التوازن استطاع المجاهدون بإمكانياتهم البسيطة دحر القوات الاستعمارية وتكبيدها أفدح الخسائر.
وإن تخليد هذه الذكرى يعتبر أيضا محطة تتعرف من خلالها الأجيال على ملاحم السلف وتتزود بقيم المواطنة الإيجابية وروح الاعتزاز بالانتماء للوطن.
وستظل معركة الهري الملحمية مفخرة خالدة ضمن سجل التاريخ الوطني التليد، بالنظر لما حققته من انتصارات وبطولات باهرة في مواجهة التوسع الأجنبي ومخططاته الاستعمارية، ممهدة الطريق لمسار كفاحي واصلته المقاومة وجيش التحرير، توج باستقلال المغرب ودحر الاستعمار، والانكباب على بناء الدولة الوطنية الحديثة واستكمال وحدتها الترابية.







تعليقات