
تشرف منتدى حوار القضاة الأفارقة بتلبية دعوة المرصد الوطني للهجرة وحضور الطاولة المستديرة التي نظمها هذا الأخير يوم 30 يناير 2025، بشراكة مع عدد من المؤسسات الوطنية وثلة من الشخصيات الوازنة من القطاعات المعنية والخبراء الدوليين وترتكز محاور الطاولة المستديرة على موضوع الهجرة بين تحدي إدارة الحدود ومقاربة الكرامة الإنسانية والحق في حرية التنقل والعيش والأمن، وفقا للمبادئ العامة لمنظمة الأمم المتحدة.

أكد المشاركون في جلسة نقاش ضمن مائدة مستديرة نظمها المرصد الوطني للهجرة، اليوم الخميس بالرباط، أهمية اعتماد مقاربة شمولية ومندمجة من أجل تدبير إنساني للحدود وتدفقات الهجرة.وأكد المتدخلون، خلال هذا اللقاء، الذي نظم حول موضوع “تدبير إنساني للحدود.. من تدبير الهشاشة إلى تحفيز الفرص”، على الحاجة الملحة للتعاون بين كافة الفاعلين المعنيين بمسألة الهجرة على المستويين الإقليمي والدولي، مبرزين في الوقت ذاته أهمية فهم أفضل لمختلف ظواهر الهجرة.
وأشاروا أيضا، في هذا السياق، إلى أهمية حماية حقوق المهاجرين، وخاصة من خلال المواكبة والاندماج وفق مقاربة مدمجة.
من جهة أخرى، تم خلال هذه المائدة المستديرة، التي شهدت مشاركة ثلة من الخبراء والمسؤولين بالعديد من القطاعات والهيئات المعنية بمسألة الهجرة وتدبير الحدود، وكذا ممثلي منظمات دولية وبعثات دبلوماسية، تسليط الضوء على دور المجتمع المدني في دينامية تدبير تدفقات الهجرة ومساهمة التكنولوجيات الجديدة للذكاء الاصطناعي في تدبير الحدود.
وفي هذا الصدد، دعت رئيسة منتدى حوار القضاة الأفارقة، إلى اعتماد مقاربة شاملة ومندمجة لتدبير تدفقات الهجرة، فضلا عن وضع سياسة تحسيسية لمكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر بالاعتماد على التكنولوجيات الحديثة.

وتمثل تدخل منتدى حوار القضاة الأفارقة في استعراض دوره كجمعية قضائية تضم قضاة من مختلف الدول الأفريقية ، ما يقارب 44 قاضي و قاضية من 26 دولة إفريقية ، موضوع إدارة الحدود وتعزيز الطابع الإنساني لفائدة المهاجرين الباحثين عن الفرص.
و خلال إختتام فعاليات هذا الملتقى تم عرض شريط يتضمن شهادات لبعض القضاة المؤسسين من أفريقيا الوسطى ، ساحل العاج ، الطوغو ، السودان ، الموزمبيق
كما أوصت بإحداث منصة رقمية لتبادل المعلومات بين البلدان الإفريقية بهدف وضع تدابير ناجعة لحماية حقوق الأطفال المهاجرين، داعية إلى بلورة وتنظيم برامج تكوينية في مجال حماية حقوق المهاجرين لفائدة القضاة الأفارقة.

من جهته، أبرز رئيس جمعية بني يزناسن للثقافة والتنمية والتضامن بوجدة، هشام بركة، الدور الأساسي الذي يضطلع به المجتمع المدني في حماية المهاجرين، باعتباره فاعلا رئيسيا في دينامية دعم حقوق وكرامة هذه الفئة.
واعتبر أن المجتمع المدني يقدم خدمات حيوية، من قبيل المساعدة القانونية والدعم الإنساني للمهاجرين في وضعية صعبة، مع أخذ البعد الإنساني في الاعتبار في تدبير قضايا الهجرة.
وسجل أن المجتمع المدني يساهم أيضا في تحسيس الرأي العام والترافع من أجل سياسات هجرة أكثر شمولية، وتشجيع حلول مستدامة، مع احترام الخصوصيات الثقافية والاجتماعية لكل فرد.
وفي سياق متصل، أبرز القائد بمديرية الهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية، محمد أمين العلمي المودني، أهمية الذكاء الاصطناعي في تدبير السياسات العمومية، بما في ذلك تدبير الحدود.
وأوضح أن “الذكاء الاصطناعي يعد وسيلة لتعزيز دقة الإنذارات في أنظمة مراقبة الحدود”، مشيرا إلى أنه يتيح أيضا تدبير المخاطر الجوية، وتحليل مسارات الهجرة، بهدف تحديد شبكات الاتجار بالبشر المحتملة.
وأضاف أن الذكاء الاصطناعي يسهم، في هذا الإطار، في ترشيد عمليات الإنقاذ وتعزيز كفاءة فرق التدخل، قصد ضمان حماية أفضل للمهاجرين.
كما تسلم السيد الوالي المدير العام المكلف بالهجرة و مراقبة الحدود خالد الزروالي بوزارة الداخلية ، درع المنتدي من السيدة رئيسة منتدى حوار القضاة الأفارقة

من جانبه، استعرض ممثل المرصد الإفريقي للهجرة المهام والأنشطة والأهداف الرئيسية لهذه الهيئة الاستراتيجية، التي تأسست باقتراح من صاحب الجلالة الملك محمد السادس.
وذكر بأن هذا المرصد يهدف إلى تحسين الحكامة الشاملة لقضايا الهجرة في إفريقيا، وسد الثغرات المرتبطة ببيانات الهجرة، وتوجيه البلدان الإفريقية نحو بلورة سياسات فعالة في مجال الهجرة.
نص الكلمة التي ألقتها رئيسة منتدى حوار القضاة الأفارقة

بسم الله الرحمن الرحيم
- السيد الوالي مدير الهجرة ومراقبة الحدود
- السيدات والسادة ممثلي المؤسسات الوطنية والمنظمات الدولية
والمجتمع المدني – كل بصفته واسمه
- أيها الحضور الكريم الحضور الكريم
بداية أود ان أتوجه بالشكر الجزيل للسيد الوالي مدير الهجرة ومراقبة الحدود على توجيه الدعوة لمنتدى حوار القضاة الافارقة للمشاركة في أشغال هذه المائدة المستديرة التي تتناول موضوعا ذا راهنية ألا وهو موضوع الهجرة والاشكاليات المتصلة بتدبيرها، والتي تأتي في سياق دولي وإقليمي يشهد جدلية كبرى حول تدبير الهجرة بين دول الشمال والجنوب من جهة، وبين صون الحقوق والحريات وتدبير الاكراهات الأمنية من جهة أخرى .
وساحاول من خلال مداخلتي، التي أقدمها بصفتي كرئيسة منتدى حوار القضاة الافارقة، اطلاع الحضور الكريم على مراحل تأسيس هذه الجمعية وأهدافها وبرامجها الاستراتيجية المستقبلية.
جاء إنشاء المنتدى في سياق عودة المملكة المغربية في يناير 2017 إلى منظمة الاتحاد الإفريقي بقرار حكيم لصاحب الجلالة الملك محمد السادس اعزه الله وايد أمره، وكان لهذه العودة الاثر البالغ في استكمال المملكة لدورها الرائد داخل المؤسسات الاقليمية الإفريقية، ولإحياء دورها التاريخي في تطوير المنتظم الإفريقي ودعم الشراكات وبرامج التعاون بين الدول الأفريقية.
وفي سياق هذه الدينامية المتجددة، بادرت رفقة مجموعة من القضاة مغاربة إلى إنشاء ما اطلق عليه اسم "منتدى حوار القضاة الأفارقة"، بمساندة قضاة من التوغو، الموزمبيق، الكوت ديفوار، ناميبيا، جزر موريس الملاوي .
يعد المنتدى جمعية مهنية بتشكيلة قضائية، اتخذ كمقر له المملكة المغربية، له فروع تمتد حاليا إلى ما يقارب 20 دولة إفريقية، وأدواره وبرامجه تجسد في أبعادها دبلوماسية قضائية تعزز الدور المحوري للمملكة المغربية، كشريك فعال ودائم لدول القارة الأفريقية، وكرائد في التعاون البناء والمستدام جنوب – جنوب.
ويسعى المنتدى إلى تحقيق مجموعة من الاهداف اذكر منها ما يلي:
- توفير مجال أوسع لتبادل الخبرات،
- المساهمة في تطوير الإطار القانوني للممارسة القضائية بمختلف دول إفريقيا،
- إشاعة الممارسات الفضلى في مجال الممارسة القضائية،
- خلق تواصل مستدام بين القضاة بما يكفل الارتقاء بالقضاء إلى ما يعزز دوره المحوري في مكافحة الجريمة وإحقاق العدالة في إطار الالتزام بالقانون واحترام الحقوق،
- تنمية التعاون والشراكات مع مختلف الهيئات المعنية محليا وإقليميا ودوليا.
- إشاعة الممارسات الفضلى للتجربة المغربية في المجال القضائي ومجال العدالة بشكل عام بين الدول الافريقية لتطوير نظام العدالة بإفريقيا، وبما يكرس تفعيل الدور الدبلوماسي القضائي للمنتدى في القضايا الجوهرية للمملكة.
ولا يمكنني في هذا الصدد، إلا أن اذكر ببالغ التقدير مدى التجاوب الذي لقيه المنتدى من لدن المؤسسات والفعاليات الوطنية والاقليمية كلما تعلق الامر ببرمجة وتنظيم نشاط من أنشطة المنتدى.
كما يجدر بي التأكيد على تثميني للتطلع الواعد والمسؤول لأعضاء المنتدى نحو تنزيل أهدافه وخطة عمله، وعزمهم على المضي قدما في النهج القائم على الانفتاح والتواصل بغية تطوير نظمنا القضائية والقانونية في قارتنا الافريقية إلى أبعد مستوى ممكن.
ولا بد من التأكيد أيضا أن المنتدى على اقتناع تام بأن تكامل جهود المجتمع المدني والمؤسسات الرسمية يعد مدخلا أساسيا لتحقيق الرقي الواجب بالممارسة القضائية بما يكفل حماية الحقوق والحريات وفق المعاير المنشودة دوليا.
وأشير في هذا الصدد، إلى أن المنتدى قام ببلورة خطة عمل 2024 - 2026 صودق عليها في اجتماع بعض أعضائه المؤسسين بأديس أبابا خلال شهر أبريل من سنة 2024، وتروم الخطة إلى تحقيق مجموعة من الاهداف التي تندرج في سياق المستجدات القضائية وطنيا واقليميا ودوليا ومنها على وجه الخصوص ما يلي:
- تنظيم أيام دراسية وندوات حول مواضيع ذات راهنية تستأثر بالاهتمام والتعاون على الصعيد الافريقي والدولي.
- اعداد وتنظيم برامج التكوين لفائدة القضاة في إطار الانفتاح على المؤسسات الجامعية والمؤسسات الدستورية المعنية لتعزيز قدراتهم المهنية والفكرية وتبادل التجارب والخبرات وترصيد التجربة المغربية وتسويقها في المجال.
- خلق شبكة خبراء من القضاة الأفارقة في المجالات ذات الصلة بالممارسة القضائية ومعالجة الظواهر الإجرامية المختلفة وذات راهنية.
- تنظيم دورات تدريبية لفائدة القضاة الأفارقة أعضاء المنتدى بالمؤسسات القضائية المغربية في إطار تبادل التجارب والخبرات وفسح المجال للاستفادة من التجربة المغربية.
حضرات السيدات والسادة:
لا شك أن الجميع يدرك مدى الانقسام الذي يثيره واقع تدبير الهجرة التي تتخبط فيها العديد من البلدان ليس فقط على الصعيد الإفريقي، والتي أوقعتها في محك إنساني وحقوقي وأمني، ويجعلها محط مساءلة يفرضها الضمير الانساني بجميع ألوانه وجنسياته وإنتماءاته الجغرافية والسياسية.
فإذا كان مفهوم الهجرة لا يختلف في المطلق، فأسبابها وأهدافها بخلاف ذلك، إذ أن الاسباب التي تدفع بالشخص الذي يهاجر من إفريقيا إلى أوروبا لن تكون نفسها من حيث الحدة والقساوة بالنسبة للشخص الذي يهاجر من أوروبا الى أمريكا أو وسط القارة الإفريقية.
كما أن المنطق الذي يتم من خلاله معالجة وتدبير الهجرة يحكمه التباين الحاصل في هذه الأسباب واختلافها بين مهاجري الشمال ومهاجري الجنوب. فمن جهة تجد خطابات وقوانين تنادي بضمان حقوق الانسان وحمايته في مختلف أوضاعه الاجتماعية والاقتصادية والقانونية باعتبار أن الهجرة مصدر للتنوع والتنمية والازدهار، ومن جهة أخرى ترصد خطابات تنادي بوقف نزيف الهجرة من الجنوب إلى الشمال واحكام الأمن والمراقبة على الحدود داخل بلدان الاستقبال، مبررة ذلك بتحديات تتمحور حول عدة محاور منها :
- محور سوسيو-اقتصادي يجعل من الهجرة سببا في تفشي البطالة وتدني الخدمات والحماية الاجتماعية؛
- محور أمني تبرره مطالب الحفاظ على السيادة وحماية الحدود من خلال تكثيف المراقبة الداخلية والخارجية للحد من تفشي الجرائم؛
- محور يتصل بالحفاظ على الهوية بداعي أن الهجرة تسبب اجتياحا ديمغرافيا يهدد الهوية الوطنية ويؤدي إلى التصادم الحضاري وعدم توافق المرجعيات الثقافية وأنماط العيش المشترك؛
حضرات السيدات والسادة
الأكيد أن الهجرة باشكالياتها وتعقيداتها تتطلب معالجة ترتكز الى ايجاد حلول مبدعة ، توازن بين أعمال مقاربة انسانية تضامنية تنتصر لضمان واحترام حقوق الانسان والتعايش السليم في أمن وأمان وفي اطار احترام الاختلاف والتنوع الثقافي واحترام القانون ، وبين ضبط السلوكيات الانحرافية والتصدي للشبكات الاجرامية التي تتاجر في البشر عبر الهجرة السرية والاستغلال والإتجار وتهديد الامن والاستقرار.
ولنا أن نتساءل جميعا عن الوضع في قارتنا الافريقية، وعن المنهج المتبع في تدبير ومعالجة الهجرة والإشكاليات المتصلة بها. هذا السؤال الذي تفرضه الظرفية الحالية التي تشهد تنامي الهجرة في القارة الافريقية بشكل يدعو الى تحسب التطورات المتلاحقة المقلقة، والتي تفرض تعبئة ويقظة حقوقية وامنية من لدن دول افريقيا بالأساس.
فالاحصائيات تشير الى أن ما يقارب 21 مليون إفريقي يعيش في بلد آخر بنفس القارة الافريقية خلال سنة 2020، وهو ما يجسد ارتفاعا بنسبة 14% مقارنة مع سنة 2015 .
وما يقارب 19,5 مليون مهاجر افريقي يعيش خارج القارة الإفريقية بزيادة تقدر بنسبة %12 خلال نفس الفترة.
فالقارة الافريقية اذن معنية بشكل صريح بالهجرة وبما يترتب عنها من اشكاليات انسانية وتنموية وامنية، وأسبابها تزيد من الوضع تعقيدا، وتجعله يأخذ منحنى خطيرا في سياقه الافريقي المهدد دائما بالفقر وتفشي البطالة والهشاشة الاجتماعية وضعف الامكانيات والنزاعات والتغييرات المناخية والشبكات الإرهابية والجريمة عبر الوطنية.
كل هاته الظروف والأسباب والمعطيات تجعل من الهجرة ان صح القول الأفة الافريقية التي تتطلب المزيد من التعبئة، بهدف معالجها في إطار شمولي وواقعي. فالجميع يلاحظ أن الشباب الافريقي والنساء والاطفال يرتمون في أحضان الهجرة دونما التفكير للعواقب والمخاطر التي تجعلهم عرضة للموت بالدرجة الأولى، وللاستغلال والاتجار والتجنيد في القيام بأعمال إرهابية وفي عمليات اجرامية مرتبطة بالمخدرات والتهريب.
أضف الى ذلك مظاهر القصور على مستوى التشريعات والقوانين المرتبطة بالحقوق والحريات، وبحماية الفئات الهشة من الاطفال والنساء، وكذا غياب استراتيجيات وطنية مندمجة تضع النهوض بالمواطن وحمايته وضمان حقوقه في صلب الاهتمامات الرئيسية للدولة.
واسمحوا لي السيدات والسادة الحضور
أن أتساءل كيف لشباب أفارقة ونساء وأطفال يغامرون بأرواحهم ويغادرون دون التفكير في العواقب، واقع بهذا الحال يسائلنا جميعا، ويفرض على الجميع كل من موقع مسؤولياته ومجال اختصاصه، مؤسسات رسمية ومجتمعا مدنيا، التعبئة وبذل المزيد من الجهود لأجل معالجة ظاهرة الهجرة بما يتوافق ومبادئ التضامن وصون كرامة الانسان.
ان منتدى حوار القضاة الأفارقة من جهته يضع الموضوع ضمن اهتمامته الاساسية. وقد بادر في هذا الصدد الى تنظيم لقاء علمي اول استمر على مدار ثلاثة أيام بمراكش خلال السنة الفارطة بشراكة مع رئاسة النيابة العامة ومنظمة الهجرة الدولية والمكتب الاقليمي التابع لهيئة الامم المتحدة وبرنامج الهجرة الاقليمي في افريقيا و مكتب الأبحاث و التحقيقات الفيدرالي وبحضور ممثلي سفارة الولايات المتحدة الأمريكية و قضاة من 7 دول افريقية .
تناول موضوع الهجرة وحماية الاطفال من الاستغلال والاتجار، وأسفر عن مجموعة من التوصيات لا بأس من عرضها في سياق هذه المائدة المستديرة القيمة، وهي كالآتي
1- وضع سياسة تحسيسية وتوعوية لمحاربة ظاهرة استغلال وتعنيف الأطفال والإتجار بهم، تعتمد على تقنيات التواصل الحديثة.
2- إحداث منصة لتبادل المعلومات بين الدول الإفريقية قاريا ودوليا، تتيح إرساء التدابير الحمائية لحقوق الأطفال المهاجرين.
3- إحداث مركز إفريقي للدراسات والأبحاث في مجال الحماية والنهوض بحقوق الطفل الإفريقي.
4- إحداث منصة رقمية تفسح المجال لمنظمات وجمعيات المجتمع المدني لتبادل الأنشطة والمبادرات والبرامج الجمعوية في مختلف الدول الإفريقية في مجال دعم وحماية وإيواء الأطفال ضحايا العنف والاستغلال والإتجار بإفريقيا. وقد اعد المنتدى ارضية اولية لتنفيذ هذه التوصية وهو بصدد التواصل مع الشركاء لتنزيلها في اقرب الاجال.
5- تحديث وتطوير التشريعات الوطنية ذات الصلة بالهجرة وبحقوق الطفل وحمايته من شتى أوجه العنف والاستغلال والإتجار بما يتماشى والاتفاقيات الدولية والإفريقية. وكما ذكر سابقا فان هذه التشريعات تتطلب التحديث والملاءمة مع المستجدات المتلاحقة في موضوع الهجرة.
6- نشر ثقافة حقوق الإنسان والتشبع بمضامين الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الطفل والمهاجر بصفة عامة. وهذا الأمر من شانه أن يوسع من المرجعية القانونية والحقوقية للسادة القضاة في المعالجة القضائية للهجرة.
7- تطوير برامج التكوين وبناء القدرات لفائدة القضاة الأفارقة في مجال الهجرة وحماية الأطفال ومكافحة الجرائم ذات الصلة خاصة على مستوى معاهد الدراسات القضائية بالدول الافريقية وفي إطار الانفتاح على تجارب المعاهد المماثلة بدول الشمال.
8- إحداث مراكز استقبال حدودية لفائدة الأطفال المهاجرين غير المرافقين ضحايا الاستغلال والإتجار والعنف تعمل تحت إشراف السلطات المحلية وتحت مراقبة السلطات القضائية المعنية؛ وفي هذا الصدد لا بد من الانتباه الى الاشكاليات المرتبطة بطرد المهاجرين في المناطق الحدودية في بعض الدول الافريقية على مستوى الاشعار المسبق بالطرد والحق في الاعتراض على ذلك، والحق في الدفاع وفي الطعن في قرار الطرد لدى المحاكم المختصة.
هذا بالإضافة الى ما قد يشوب طرق تنفيذ الطرد من ممارسات مهينة ولا انسانية، من خلال ترك المهاجرين نساء و أطفال في العراء بلا مؤونة وبلا وسائل اتصال ودون أدنى شروط العيش الضرورية.
9- دعوة المرصد الإفريقي للهجرة لبلورة بيانات خاصة بالأطفال المهاجرين وبالسياسات المتبعة قاريا في مجال الهجرة لتوظيف هذه البيانات في بلورة سياسات وبرامح تحقق الحماية والاندماج الاجتماعي للأطفال المهاجرين.
10- إحداث منتدى إفريقي سنوي ضمن أجندة 2063 للاتحاد الإفريقي يعنى بحقوق الأطفال وحمايتهم، تجتمع خلاله المؤسسات الرسمية والمجتمع المدني ومؤسسات البحث الجامعي للتباحث ودراسة سبل حماية ومأسسة حقوق الأطفال وتحقيق اندماجهم التربوي والاجتماعي.
11- توفير الحماية القانونية والقضائية للأطفال المهاجرين غير المرافَقين في بلدان الاستقبال بما فيها الحفاظ على هوياتهم.
وعلى مستوى اخر يرى المنتدى أن المعالجة الفعالة لقضية الهجرة بإفريقيا لا بد وأن ترتكز إلى مقاربة شمولية ومندمجة تستند إلى محورين أساسيین:
اولاهما محور الوقاية: وذلك من خلال العمل على تأهيل المؤسسات القضائية وتكوين قضاة بما يكفل ترسيخ الثقة لدى المواطن الافريقي في القضاء عبر تسهيل الولوج إلى العدالة وضمان الفعالية والنجاعة في الممارسة القضائية، واستحضار البعد الحقوق في المعالجة القضائية للضحايا والتواصل في شأن ما يتم بذله من جهود مع المواطنين لأجل انخراطهم في التغيير والإصلاح والوعي بالقوانين والمساطر المؤطرة.
هذا البعد الوقائي ينصرف الى مختلف السياسات القطاعية لتكريس ثقة المواطن في مؤسسات الدولة وفي جهودها لاجل النهوض بوضعيته والارتقاء بعيشه اليومي الى ما يكفل صون كرامته وتشبته بالانتماء الى وطنه.
وثانيهما محور الحماية: من خلال محاربة الهجرة غير النظامية وفق الضوابط القانونية الواجبة وعلى أساس احترام الحقوق وضمان الأمن والاستقرار وبما يكفل التصدي للتهديدات الامنية في المناطق الحدودية وللشبكات الاجرامية المستغلة للمهاجرين، ثم من خلال أيضا ضمان حقوق الضحايا وتمكينهم من الحماية القضائية والقانونية الواجبة.
في هذا الصدد يقترح المنتدى إعداد شبكة خبراء من القضاة الافارقة في مجال المعالجة الوقائية والحمائية للهجرة في إطار التعاون مع الشركاء الحكوميين ومختلف الشركاء المهتمين اقليميا ودوليا، واعتماده كهيئة مكلفة بتأطير دورات تكوينية لفائدة القضاة في إطار التنسيق بين معاهد التكوين القضائي بالدول أعضاء المنتدى في أفق توسيع البرنامج ليشمل تكوين خبراء في مجالات أخرى ومن دول إفريقية أخرى.
كما يقترح المنتدى تنظيم لقاء يجمع القضاة الافارقة لتبني واصدار مبادئ توجيهية لتوحيد المعالجة القضائية للهجرة وتاطير الممارسة القضائية في هذا المجال.
حضرات السيدات والسادة
لا يستقيم الحديث عن الهجرة واشكالياتها بقارتنا الافريقية دون الحديث أيضا عن التجارب المستنيرة في هذا الموضوع. وهنا لابد من الاشارة الى تجربة المملكة المغربية المتفردة والجريئة في مجال تدبير قضايا الهجرة، بفضل السياسة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله واعز أمره، والتي مكنت خلال ما يقارب ربع قرن من الزمن من تدبير قضايا الهجرة بمقاربة انسانية تستحضر قيم التضامن والانفتاح المترسخة في الثقافة المغربية الاصيلة. ومن اعتماد قوانين واجراءات شملت جملة من الضمانات لفائدة المهاجرين تروم تسوية وضعيتهم القانونية وادماجهم الفعلي في المجتمع المغربي وتوفير الحقوق الأساسية لهم في معيشهم اليومي. وحماية أطفالهم
حضرات السيدات والسادة
إن تنظيم هذه المائدة المستديرة لا شك أنه يندرج ضمن رؤية استشرافية للمرصد الوطني للهجرة في معالجة الاشكاليات والتحديات المرتبطة بها، واستاذنه في دعوته، بامكانياته وبطاقاته البشرية المتميزة الى المزيد من الانشطة والانفتاح على مختلف الفعاليات الرسمية، وفعاليات المجتمع المدني والمؤسسات الجامعية بما يكفل ترصيد وتحليل المعطيات والإحصائيات الخاصة بالهجرة وكذا الممارسات الفضلى في مجال تدبيرها ومعالجة التحديات والاشكاليات المتصلة بها.
ختاما أجدد شكري للمرصد الوطني للهجرة وللسيد الوالي مدير الهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية على توجيه الدعوة لمنتدى حوار القضاة الأفارقة للمشاركة في هذا اللقاء العلمي، متمنية له وللمرصد كامل التوفيق في الجهود المبذولة لتجسيد مظهر حضاري وتمثل ايجابي لسياسة المملكة المغربية في تدبير موضوع الهجرة تحت القيادة السديدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وايد امره.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
Comments