المنتدى الثقافي الثاني: جلسة نقاشية تمحور موضوعها حول "القيم الاسرية بين التفعيل والتثبيت المجتمعي"
- gherrrabi
- 12 أبريل
- 5 دقائق قراءة

شاركت رئيسة منتدى حوار القضاة الأفارقة، الأستاذة جميلة صدقي، اليوم في جلسة نقاشية تمحور موضوعها حول "القيم الاسرية بين التفعيل والتثبيت المجتمعي"، التي عقد في الرباط يوم السبت12 ابريل 2025، بتنظيم جمعية اثير الجمال والتنمية. وأكدت الأستاذة جميلة صدقي، في كلمتها، على أهمية اختيار موضوع هذه الندوة الذي يندرج في سياق الحوار الذي تشهده بلادنا حول مقومات الاسرة المغربية وحمايتها، فجلالة الملك نصره الله وايده مند توليه عرش اسلافه المنعمين حرص على إيلاء الأسرة الأولوية والحماية القصوى، وجعلها في مقدمة الأوراش التي يتعين الحرص على مواكبتها وتحيينها وتتبعها.

قد شهدت الجلسة مشاركة شخصيات بارزة:
السيدة فاطمة الزهراء سطاف رئيسة جمعية اثير الجمال و التنمية؛
السيد الكاتب العام عن وزيرة التضامن؛
السيدة عواطف حيار وزيرة المرأة التضامن سابقا ؛
السيدة امينة افروخي نائبة رئيسة الاتحاد النسائي المغربي ؛
السيدة شمس الضحى العلوي الاسماعلي الأمينة العامة للاتحاد النسائي العربي العام...

نص الكلمة التي ألقتها رئيسة منتدى حوار القضاة الأفارقة

السيدة رئيسة جمعية اثير الجمال والتنمية
السيدة وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة
السيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار
السيدة الكاتبة العامة للمندوبية الوزارية لحقوق الانسان
السيدات والسادة الحضور الكريم كل باسمه وصفته
إنه لمن دواعي السرور والاعتزاز أن أحضر معكم هذا اللقاء في دورته الثانية، الذي يستهدف مناقشة موضوع "القيم الاسرية بين التفعيل والتثبيت المجتمعي" وقد اجتمع له ثلة من الكفاءات الممارسة من أكاديميين وقانونيين ومجتمع مدني.
كلنا واع بأهمية اختيار موضوع هذه الندوة الذي يندرج في سياق الحوار الذي تشهده بلادنا حول مقومات الاسرة المغربية وحمايتها، فجلالة الملك نصره الله وايده مند توليه عرش اسلافه المنعمين حرص على إيلاء الأسرة الأولوية والحماية القصوى، وجعلها في مقدمة الأوراش التي يتعين الحرص على مواكبتها وتحيينها وتتبعها.
فالأسرة هي الوحدة الاجتماعية وأساس التربية والتنشئة للأبناء، وفق القيم المجتمعية التي ترسخت في منظورنا للأسرة المحافظة المتشبتة بقيم التعايش السليم واحترام وتقبل الإختلاف في إطار من الوعي والتكافل والتسامح.
ومن المتفق عليه أن من أهم القيم أيضا العفة والمودة، (كحسن المعاشرة والتسامح والثقة المتبادلة) والرحمة، والمساواة أو التوازن في الحقوق والواجبات، ومن مهام مؤسسات التنشئة الاجتماعية أن تكرس هذه القيم عبر التربية والتوعية والتحسيس وبثها في وجدان الأجيال والمواكبة على الاستمرارية.
إن مفهوم الزواج هو ذاك العقد والميثاق الغليظ الذي على أساسه تقوم وتنشأ رابطة الأسرة، ويلتقي فيها الرجل والمرأة ليكوّنا هذه المؤسسة الاجتماعية التي تربي الذرية وتتعهد بحمايتها بالمودة والنية الصادقة.
وأعتقد أن الحاجة قائمة وملحة في وقتنا الراهن، حول إبراز دور مؤسسة الزواج في تشكيل الأسرة التي هي عماد المجتمع واللبنة الأولى فيه من خلال التوجيه الرشيد والتأطير المسؤول المبني على التوابث الدينية والأخلاقية المترسخة في وعينا الجمعي، ولعل المسار الذي اتخذه اصلاح مدونة الأسرة في المغرب يعكس هذا التوجه بشكل عقلاني ومسؤول.
فإقرار مدونة الأسرة مند 2004 كان منعطفا تاريخيا بامتياز، وثورة اجتماعية هادئة وقع الإجماع عليها من لدن كل أطياف المجتمع، كما انها كانت مرجعا فريدا استأنست به العديد من التشريعات على الصعيدين الإقليمي والدولي.
ومع اعتماد بلادنا لدستور 2011 عرفت المنظومة الحقوقية منعطفا هاما وتحولا بارزا، تجسد في اختيار المملكة المغربية المضي بعزم وإرادة وثبات في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون.
وتكريسا لهذا التوجه، أقر الدستور في الفصل 19 منه تمتع الرجل والمرأة، على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، الواردة في الدستور، وكذا في الاتفاقيات والمواثيق الدولية كما صادق عليها المغرب، وكل ذلك في نطاق أحكام الدستور وثوابت المملكة وقوانينها، على أن تسعى الدولة في كل مشاريعها إلى تحقيق مبدأ المناصفة والمساواة بين الرجال والنساء.
وفي هذا الصدد، لابد من الإشارة إلى أن الدور الذي يجب أن يلعبه المجتمع المدني في التحسيس والتوعية بالقوانين الأسرية، بهدف تعزيز الاستقرار داخل الأسرة، والمساهمة في الحد من النزاعات الأسرية عن طريق الوساطة والصلح على سبيل المثال، في نشر القيم الأسرية الإيجابية، مثل الاحترام المتبادل، والمسؤولية المشتركة، والعدل، والرحمة بين أفراد الأسرة.
وفي هذا السياق يمكن الحديث عن الدور الذي يمكن أن يلعبه منتدى حوار القضاة الأفارقة كجمعية مهنية تساهم في إشاعة الممارسات القضائية الفضلى في قارتنا الإفريقية وقبل ذلك لا بأس من التعريف بالمنتدى وأدواره.
لقد جاء إنشاء المنتدى في سياق عودة المملكة المغربية في يناير 2017 إلى منظمة الاتحاد الإفريقي بقرار حكيم لصاحب الجلالة الملك محمد السادس اعزه الله وايد أمره، وكان لهذه العودة الاثر البالغ في استكمال المملكة لدورها الرائد داخل المؤسسات الاقليمية الإفريقية، ولإحياء دورها التاريخي في تطوير المنتظم الإفريقي ودعم برامج التعاون بين الدول الأفريقية.
ويروم القضاة والقاضيات مؤسسي المنتدى الى استغلال هذه الفرصة لخلق فضاء علمي بتشكيل قانوني يروم تسهيل سبل الحوار والتواصل المستدام بين الخبراء في هذا ا لمجال، ومن خلاله تبادل الآراء بينهم وبين زملائهم القضاة من باقي الدول الافريقية حول المواضيع ذات الاهتمام المشترك خاصة المتعلقة منها بالمسائل القانونية والقضائية.
واعتمد المنتدى كمقر له المملكة المغربية، وفروعه تمتد حاليا إلى ما يقارب 24 دولة إفريقية، كما أن أدواره وبرامجه تمتد إلى لعب دور دبلوماسي موازي لجهود السلطات الوصية بالمملكة المغربية، والتي تكرسها كشريك فعال ودائم لدول القارة الأفريقية، وكرائد في التعاون البناء والمستدام جنوب – جنوب
كما أن للمنتدى دورا يندرج ضمن الأدوار التي تلعبها الجمعيات المهنية للقضاة على أرض المملكة من خلال مواكبة الأوراش الهامة التي يشهدها الحقل القانوني والقضائي بالمغرب ومنها ورش إصلاح مدونة الأسرة.
وفي هذا الإطار فإن منتدى حوار القضاة الأفارقة قد وضع تصورا متكاملا لمواكبة هذا الورش الملكي الهام، وذلك وفق مقاربة شمولية ومندمجة تنطلق أساسا من تعبئة خبرات وتجارب أعضاء المنتدى، للتحسيس والتوعية بالمستجدات المتصلة بإصلاح المدونة، بعد أن يتم تنزيل محاورها الاستراتيجية الإصلاحية في مشروع قانون، سواء وطنيا أو إقليميا بهدف إشاعة المستجدات ذات الصلة وفسح المجال للدول الافريقية المهتمة للاستلهام منها عند الضرورة في تطوير منظومتها التشريعية المتعلقة بالأسرة على وجه الخصوص وبالولوج إلى العدالة بشكل عام.
كما أن المنتدى سيركز في أنشطته في هذا الإطار على توضيح وتبسيط المعلومة القانونية ذات الصلة للمتلقي وتمكينه من تمثل أبعادها الإنسانية والاصلاحية بما يخول انخراطه الإيجابي في إنجاح المدونة الاسرية وذلك عبر آليات تواصلية ورقية ورقمية تكفل السرعة والدقة في التلقي، وكذا عبر تنظيم أيام وورشات دراسية ولقاءات تواصلية مع المهنيين والمواطنين على حد سواء.
ينضاف إلى ذلك إعداد وتنظيم برامج التكوين لفائدة القضاة المغاربة ومن بعض الدول الافريقية بهدف تعزيز قدراتهم المهنية والفكرية وتبادل التجارب والخبرات وترصيد التجربة المغربية في المجال كتجربة رائدة ومتميزة.
كما سيسهر المنتدى على تنظيم دورات تدريبية لفائدة القضاة الأفارقة أعضاء المنتدى بالمؤسسات القضائية المغربية في إطار تبادل التجارب والخبرات وفسح المجال للاستفادة من التجربة المغربية.
وسيعمل المنتدى على تنزيل برنامجه في هذا الإطار من خلال الانفتاح والتنسيق مع جمعيات المجتمع المدني والجمعيات المهنية القضائية وكذا مع المؤسسات الرسمية الوصية على المنظومة القضائية ومع السفارات وقنصليات المملكة ببلدان المهجر لاستهداف جاليتنا المغربية المقيمة بها في أنشطة المنتدى ذات الصلة بمستجدات تعديل وتحسين مدونة الأسرة.
وفي الختام، أود أن أجدد حرص منتدى حوار القضاة الأفارقة واستعداده التام للمساهمة في كل المجهودات الوطنية الرامية إلى ضمان التنزيل السليم والتطبيق الأمثل لمدوّنة الأسرة عند استكمال مسارها التشريعي والانخراط في كل المجهودات البناءة والهادفة التي تروم تأكيد وتميز المملكة المغربية كدولة رائدة في مجال ضمان الحقوق وحماية الحريات، والرقي بالمعيش اليومي للمواطن المغربي إلى ما يكفل صون كرامته وتحفيزه على الانخراط والمواكبة الجدية للأوراش الإصلاحية الكبرى التي يشهدها المغرب على أكثر من صعيد، تحت القيادة الرشيدة لمولانا أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس أعز الله أمره ونصره.
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
Comments