مداخلة السيدة رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في فعاليات المنتدى البرلماني الرابع للعدالة الاجتم
- AA
- 20 févr. 2019
- 4 min de lecture

مداخلة السيدة رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان في فعاليات المنتدى البرلماني الرابع للعدالة الاجتماعية
نظم مجلس المستشارين، بشراكة مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، يوم الأربعاء بالرباط، المنتدى البرلماني الرابع للعدالة الاجتماعية، في موضوع “الحماية الاجتماعية بالمغرب: الحكامة ورهانات الاستدامة والتعميم”.
الرباط 20 فبراير 2018
مداخلة السيدة رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان:
السيد رئيس مجلس المستشارين
السيد رئيس الحكومة
السيد رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي
السيدة رئيسة الاتحاد البرلماني الدولي
السيد المدير العام لمنظمة العمل الدولية
السيدة رئيسة المجلس الدولي للرعاية الاجتماعية
السيد ممثل البنك الدولي
السيد ممثل الجمعية الدولية للحماية الاجتماعية
السيد ممثل الاتحاد العام للمقاولات بالمغرب
السادة ممثلو القطاعات العمومية والفرقاء الاجتماعيين
السيدات البرلمانيات والسادة البرلمانيون
الحضور الكريم
أسمحوا لي بداية أن أشكر رئيس مجلس المستشارين لدعوته للمجلس الوطني لحقوق الانسان للمشاركة في فعاليات النسخة الحالية من المنتدى، للإسهام، سويا، في طرح القضايا والاشكاليات ذات الصلة بالسياسات العمومية، التي تنعكس علي والواقع اليومي للمواطنات والمواطنين.
إن تنظيم منتدى خاص بالعدالة الاجتماعية، وبلوغ النسخة الرابعة منه هو معطى ينطوي على عناصر ثابتة وأخرى متحولة.
فالثابت في هذه التظاهرة وتنظيم النسخة الرابعة يعد مؤشرا دالا على شيئين اثنين على الأقل:
إن التركيز من قبل مجلس المستشارين، على هذه المجال واختياره موضوعا للاشتغال عليه والانشغال به ليس ظرفيا ومرتبطا بمناسبة مضت، وإنما هو خيار استراتيجي راسخ؛
أن العدالة الاجتماعية قضية متعددة المداخل وعملا مستمرا على أكثر من واجهة، تتطلب تعبئة موارد وكفاءات واجتهادات عدد من المتدخلين والفاعلين على مختلف المستويات لمواجهة التحديات جديدة بأجوبة متجددة مبتكرة.
الحضور الكريم
ما يميز اللقاء الرابع هذا عن سابقيه، ما هو متحول فيه، هو ظرفيته الوطنية والدولية:
فالظرفية الأولى، تتميز بعدد من المسارات والديناميات الجديدة التي انبثقت قبل أقل من عام، وسأذكر منها على وجه التدقيق:
انطلاق مسار التغيرات الهيكلية في مؤسسات الحماية الاجتماعية والتامين الاجتماعي واعتماد سجل اجتماعي موحد والسجل الوطني السكاني والذي من المنتظر ان يعرض مشروع القانون علي البرلمان
المناظرة الأولى حول الحماية الاجتماعية المنعقدة في أواخر السنة الماضية (نونبر 2018)؛ والتي أصدرت توصيات تروم تصحيح عدد من الاختلالات التي أجمعت كل الأطراف المعنية على اعتبارها أعطابا رئيسية ومأثرة تحد من فعالية المنظومة الوطنية وتعيق التحقق الفعلي للحقوق الفردية؛
التداول حول النموذج التنموي الجديد باعتباره صياغته تهم كل المواطنات والمواطنين سواء على مستوى بلورة الأفكار وإغناء التناظر وتقديم المقترحات، أو على مستوى الآثار المنتظرة منه لإحداث التغيير المنشود بالوضع الاجتماعي والاقتصادي والثقافي للمواطنات والمواطنين؛
برمجة مناقشة بالدورة التشريعية عدد من مشاريع القوانين ومشروع قانون إطار؛ ولعل أهمها مشروع قانون إطار منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي؛
اما بخصوص الظرفية الدولية:
أصبحت أهداف التنمية المستدامة هي الإطار الذي يستوعب جل السياسات العمومية الوطنية، ويوفر مؤشرات قياس مدى تقدم البلدان لضمان كرامة مواطنيها من خلال تحقيق الأهداف السبعة عشرة في أفق 2030. وبلدنا مطالب بالوفاء بالتزاماته أمام مواطنيه أولا تم شركائه والمتتبعين لشؤونه؛
صدور عدد من التوصيات عن لجان المعاهدات الدولية عقب استعراض تقارير المغرب. وهي توصيات قبلتها بلادنا وتحولت، بذلك، إلى برنامج ملزم سيعاد النقاش حوله بمناسبة الاستعراض الدوري الشامل القادم، بعد سنة من الآن. ويتعلق الأمر بتوصيات تعتبر جزءا أساسيا من الحماية والعدالة الاجتماعية. ومنها، على سبيل المثال، توفير السكن والتعليم مع مراعاة المساواة وتكافؤ الفرص بين الجهات والفئات الاجتماعية، فضلا عن الاهتمام بأوضاع الفئات الهشة (الأطفال، النساء، المهاجرون…).
هذه بعض من السيرورات التي تسم السياق الحالي والتي يجب ان تكون الخيط الناظم لتتحقق مراميها، وذلك من خلال عقلنة منهجية الاشتغال عليها بما يوفر المقاربة التي تستدعيها.
السيدات والسادة
أعتقد أن النموذج التنموي الجديد هو القادر على أن يلعب دور الخيط الناظم لمختلف الديناميات والإطار الحاضن لمختلف تدخلاتنا. بحيث ستتحول كل الاستراتيجيات القطاعية وكل المبادرات إلى روافد تصب في هذا الإطار، مما سيمنحها سبل النجاح وشروط الفعالية.
وسيظل نجاح هذا المسعى رهينا بإسناد النموذج التنموي الجديد وبنائه على قاعدة مقاربة حقوق الإنسان التي أصبح الالتزام بها أحد المؤشرات الأساسية في تقييم السياسات العمومية ودولة القانون.
كما يرتبط هذا المسعى بضرورة القطع مع منطق الحاجيات واعتماد منطق الحقوق، الذي أصبح أحد التزامات بلادنا الدولية سواء من خلال المصادقة على المعاهدات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان أو من خلال التوصيات التي صدرت عن لجان المعاهدات الدولية وقبلتها بلادنا، والتي تتعلق بعدد من الحقوق الفردية والجماعية ذات الصلة الوطيدة بالحماية الاجتماعية والكرامة.
وتزداد ملحاحية هذا الربط بين النموذج التنموي والمقاربة الحقوقية من خلال مقتضيات الدستور التي نصت في العديد من المواد على احترام الحقوق، بل وحددتها بدقة وكذا الجهات المسؤولة على احترامها، وحمايتها وضمانها على المستوى الوطني والجهوي، ومنها على سبيل المثال المادة 31.
الحضور الكريم
لقد اختار المجلس الوطني لحقوق الإنسان العمل وفق استراتيجية تقوم على ثلاث مرتكزات: الوقاية والحماية والنهوض.
إن فهم منطق الوقاية في علاقة بموضوع هذا المنتدى وكذا بالنموذج التنموي الجديد، يقتضي:
الوعي أولا، بأن المقاربة المندمجة للسياسات العمومية لم تعد تعني التنسيق من أجل مواجهة المشاكل والبحث عن هامش تلتقي عنده الحلول المقدمة من طرف القطاعات المعنية كل حسب اختصاصه؛
والوعي ثانيا، بأن المقاربة المندمجة يجب أن تكون حاضرة في المنطلق، أي في العمل بشكل وقائي، بحيث تصبح غاية السياسات القطاعية والإجراءات المعتمدة في إطارها هي الوقاية من المشاكل بدل العمل على حلها. ويتحقق ذلك من خلال صياغة برامج ومشاريع تعنى بجودة شروط الحياة بما يضمن الصحة بدل العلاج، والتعليم بدل مكافحة الأمية، والسكن اللائق بدل علاج الأمراض الناجمة عن السكن غير اللائق…إلخ.
إن منطق الوقاية هو السبيل الضامن للتحقق الفعلي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ضمن مشروع النموذج التنموي الجديد وفي إطار دولة القانون.
أسمحوا لي السيدات والسادة أن أثير الانتباه إلى استحضار محيطنا الافريقي ونحن نصوغ سياستنا العمومية ذات الصلة بالحماية والعدالة الاجتماعية وبعلاقتهما بتدبير الهجرة. ان الفضاء الإفريقي يشكل أحد امتدادات النموذج التنموي لبلادنا من خلال الإسهام في توفير تلك النقلة النوعية المفقودة – العدالة الاجتماعية- بما يترجم البعد التضامني والإنساني لبلادنا.
مرة أخرى نجدد لكم الشكر على جميل الدعوة، والتأكيد على انخراطنا في هذا الورش الوطني الهام والواعد.
شكرا على انتباهكم
Comments