صدر للمؤرخ والمفكر المغربي الدكتور عبد الله بوصوف كتاب، اختار له، بحسب معطيات حول الكتاب، عنوانا دالا وعميقا يكسر أفق الانتظار ويستفز السؤال؛ فقد جرت العادة أن نقول: “من يملك القوة يملك الحق”، إلا أن الكاتب وهو يترافع علميا عن مغربية الصحراء، جدد التأكيد على أن “من يملك الحق هو حتما من يملك القوة”، وبذلك فقد جاء الكتاب موسوما بهذا العنوان الموفق في التعبير عن الدينامية الترافعية التي قادتها المملكة المغربية تحت القيادة الحكيمة للملك محمد السادس في شأن ملف الصحراء المغربية.
الـصحـراء في مغربها والمغرب في صحرائه...لـيس شعـارا للاستهـلاك الاعـلامي أو الـديماغـوجي بـل يعني أن الـصحراء فـي وضعهـا الـطبيعي والـسيـاسي والـجغـرافي أيـضا.. ومـن هُـنــا لا يمكــن استـثـنـاؤها مـن الـمشاركــة في الـمؤسسات الـتشريعية أو التنفيذية أو من الأوراش الاقتصادية والاجتمـاعية الكبــرى وأيضـا باعتبـارها جــزءا من المغرب فـقـد خصهــا الـتقطـيع الـترابي الـجديد (2015) بجهـتيْ كلميم ـ واد نــون وجهة العـيـون ـ الساقية الحمراء...
وفــي هــذا جـواب على تسـاؤلهـم المستفــز بـأن الـمادة 8 من الحكـم الــذاتي تعـتــرف بحق تقـريـر المصيـر...!! وأيضا إذا جـاءت الـنتائج ب "لا" فهـل سيكـون الاستـقــلال عن المغرب هو الــبـديـل مثــلا..؟؟
وهُـنـا نــلاحـظ سُــوء الـنـية في شــرح المادة 8 بحيث إن الحكـم الـذاتي يجـب أن يـنبثـق عـن مفــاوضات كمرحلة أولـى ثـم استـشارة استفـتـائـية للـسـكان كمــرحلـة ثــانـية، ولـيس العكــس...!!
ولنـكـن أكــثــر جُـرأة منهـم ونُجيبهـم بـأنه إذا جـاءت سـلـة الـنتـائـج بـ"نعــم" فـسيطـبـق الحكـم الــذاتي بكــل مقـومـاتـه الــدولـية بما فيها مراجعــة الدستــور المغربي وإدراج نظام الحكــم الــذاتي فيه (الفصل 29)...
أمـا إذا جـاءت ب "لا" فـستـبـقى الأقــالـيم الصحـراوية ضمـن جهـتـيْ 11 و12 لأنهـما لـيْـسـتـا فـي حـالـة فــراغ مــؤسـساتي.. كما يقـع في اقـليــم الـكيـبيك ( كنـدا) أو كـطالـونيا (اسبانيا) مثــلا حيث لا فـراغ دستوري ومؤسساتي ...
لـقـد اعــتبـروا أن المادة 6 مــن الحكـم الــذاتي هي ثُـقْـب أســود... ونحـن بـدورنـا نُـسائـلهـم أيــن الــسواد فـي هــذا الــفصل.!! إذا كـانتـ جميـع أنظـمة الـحكم الــذاتي في الــعالم تُـخصص الــدفاع والـعلاقات الخارجية للوطن الأم (إمـارة مـوناكـو بفـرنسا مثلا) وأيضا الاختصاصات الـدستوريـة والــديـنـية لـملك المغـرب بصفـته أميــر المؤمنين... وتـأسـيسـا علـى هــذا فالـملك هـو الــذي يُـنصب رئـيس حكـومة منطقـة الحكـم الــذاتي الـفصل 20 وأيضا لا يجـب تــأويـل الأحكـام لتـتعـارض مـع اختصاصات الـمجلس الأعـلى والـمجلس الــدستوري للمملـكة الـفصل 24 وهــذا أيضـا جـد طبـيعي وقانوني لأن إمـارة الـمؤمنـين تتضمن الإمـامـة الـتي بـدورهـا تـتضمن الـقضاء لـذلك تصدر الأحكام باســم جـلالة الملك وهكـــذا من الطبيعي أن يـمـتـد حتـى مـنطقـة الـحكم الـذاتي للـصحراء..
كثيــرا ما يـنطلـق الـمُعـاديـن للحكم الــذاتي من فـكــرة أن تقــريـر الـمصير هي ثـمرات اجـتـثـات مُخلفــات الاستعمـار وهُــم بهـذا يقعـون فـي مـأزق تــاريخي ومـعـرفي حيث الـكـل يعلـم أن اسبانـيا استعمرت أرضا اسـمـهـا المغرب ولـيـس شيـئـا آخــر...
لا أحــد عـاقـل يـرفـض مـبـادرة بمواصفـات مـتـقـدمـة وجـريـئة تـضمن لـسكـان الصحراء تسييـر شـؤونهـم بـانفسهـم الـفصل 5 مـن خـلال هـيئات تشـريعـية (بـرلمـان جهــوي الفصل 19) وتنفيذية (حكـومة جهـويــة الفصل 20 ) وقـضـائـية من خـلال جهـاز قـضائي مع احتـرام مبـدأ مـلائـمة قــوانـين الـمنطقـة مع قـوانـين الـمملكة الـمغربية الـفصليْــن 23 و24 ..هــذا دون الـحديث عـن صلاحيـات واسعـة في الـتسييــر كالإدارة المحلية والشرطة والنظام الجبائي والتحكم في الموارد المالية...الـفصلين 12 و13
كـل هـذا في مقـابـل احتفـاظ الـدولة الـمغربية باختصاصات حصرية كالـعلـم والـنشيـد الـوطني والـعملة واختصاصات الـملك الـدستوريـة والـديـنية بصفـته أميــر الـمؤمنيـن الفصل 14...
اعتـقـد أن صراع قـادة الـبوليزاريـو الــعـقيم أفـقـدهُـم خـاصية الـخجـل.. وجعـلـوا مـن آلاف المحتجزين حـزاما للفقــر والحــرمان الــعاطفي وصلة الرحـم مع ذويهـم بالجنوب المغربي.. هي أدرعهـم البشرية يُـفاوضون بهـا، بــل قـنابل بشـرية مـوقـوتـة تهدد بها البوليزاريو سلم المنطقة والعالــم...
ولأن الــوطن غفــور رحيم، فـإن الفصول 30 و31 تضمنت الالتــزام بإدماج العائدين للوطن في ظل ظروف تحفظ كرامتهم وسلامتهم وحماية ممتلكاتهم... بالإضافة الى عفــو شــامــل...
ويعد كتاب “الصحراء المغربية: من يملك الحق، يملك القوة” لمؤلفه الدكتور عبد الله بوصوف، “وثيقة تاريخية مهمة، ترافق وتوثق الأحداث والوقائع التي عرفتها قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية، لأن الباحث لا يكتفي بسرد الأحداث، وإنما يعمل على مناقشتها ومواجهة ماكينة التضليل الإعلامي الجزائري بالحجة والدليل، ويستعرض الوقائع ويذكرهم بتاريخ أسود من طرد المواطنين العزل واغتصاب الأراضي وزرع الفتنة والانفصال، والتنكر لكل قيم التاريخ المشترك ووحدة الدين واللغة والأصل”.
Comments