top of page
WhatsApp-Image-2022-05-24-at-6.13.58-PM.png

التعليقات المغرضة ضد الأمن المغربي: أزمة وعي أم نوايا مبيتة؟... The Capitol Institute

gherrrabi
التعليقات المغرضة ضد الأمن المغربي: أزمة وعي أم نوايا مبيتة؟... بقلم فيصل مرجاني

تشكل الأجهزة الأمنية المغربية حجر الزاوية في صيانة الاستقرار الوطني وضمان أمن المواطن، وهو ما جعل المغرب نموذجًا استثنائيًا في إدارة المخاطر الأمنية ومكافحة الإرهاب في محيط إقليمي ودولي مشحون بالتحديات. هذا الدور الحيوي الذي تضطلع به الأجهزة الأمنية ليس نتيجة ظرفية عابرة، بل هو ثمرة استراتيجية أمنية متكاملة، تعتمد على الرؤية الاستباقية، التجنيد الدائم، والالتزام الصارم بحماية سيادة الوطن وسلامة المواطنين.

لقد أثبتت الأجهزة الأمنية المغربية، بمختلف مكوناتها، قدرتها على إدارة أكثر الملفات الأمنية تعقيدًا، من خلال إحباط مخططات إرهابية خطيرة وتفكيك خلايا متطرفة قبل أن تصل إلى مرحلة التنفيذ. هذه النجاحات لم تأتِ بمعزل عن تخطيط محكم، بل هي نتاج مقاربة أمنية قائمة على تعددية الأبعاد، تشمل التنسيق الاستخباراتي الفائق، التعاون الإقليمي والدولي، واستخدام تقنيات متقدمة في الرصد والتحليل. كل هذا يساهم في تعزيز “المناعة الأمنية” للمغرب، التي تمثل بدورها أساسًا لتحقيق التنمية المستدامة وجعل البلاد واحةً للاستقرار في منطقة تتسم بالاضطراب السياسي والجيوسياسي.

ورغم هذه الإنجازات، ظهرت في الآونة الأخيرة على وسائل التواصل الاجتماعي أصوات مشككة ومتعالية، تُقلل من أهمية هذه النجاحات الأمنية أو تعتبرها مجرد “سيناريوهات مفبركة”. هذه الخطابات الشعبوية تعكس افتقارًا خطيرًا للفهم العميق للتحديات الأمنية والتهديدات الإرهابية التي تواجهها المملكة، كما تعبر عن انعدام إدراك لحجم التضحيات التي تُبذل من أجل حماية حياة المواطنين وضمان استمرارية الاستقرار.

إن هذه الرؤية السطحية لا تأخذ بعين الاعتبار الطبيعة المُعقدة لظاهرة الإرهاب، التي تطورت على المستوى الدولي وأصبحت تهديدًا عابرًا للحدود، لا سيما مع تصاعد دور التنظيمات الإرهابية في منطقة الساحل والصحراء التي تتسم بضعف البنى الأمنية في بعض دول الجوار. المغرب، بحكم موقعه الجيوسياسي وقربه من بؤر التوتر، يواجه باستمرار مخاطر محدقة تتطلب أعلى درجات اليقظة والاحترافية. لذلك، إنكار هذه التهديدات أو اعتبارها مجرد أوهام هو تعبير عن قصور فكري وأخلاقي في التعامل مع حقائق الواقع الأمني.

ما يجهله المشككون هو أن الاستقرار الذي ينعم به المغرب اليوم ليس نتاج ظروف طبيعية أو سياق تاريخي تلقائي، بل هو نتيجة مباشرة لسياسات أمنية فعالة ترتكز على منهجية وقائية واستباقية. هذه السياسات لا تقتصر على البعد الأمني المحض، بل تتضمن أيضًا جوانب فكرية واجتماعية تهدف إلى تجفيف منابع التطرف ومعالجة جذور الفكر الإرهابي. إنها مقاربة شاملة تهدف إلى بناء “منظومة أمن مجتمعي” تُدعم من خلالها قيم الاعتدال والتعايش، إلى جانب الحزم في مواجهة المخاطر المباشرة.

وفي السياق نفسه، يُعد التشكيك في مصداقية الأجهزة الأمنية أو محاولة تقويض الثقة في عملها عملًا عبثيًا يضرب في صميم وحدة الجبهة الداخلية ويُساهم في خلق فجوة بين المواطن ومؤسساته. بل إن مثل هذه الخطابات تُظهر قصر النظر في فهم أهمية الأمن كشرط أولي لأي مشروع تنموي أو نهضة اقتصادية. فالاستقرار الذي يعيشه المغرب اليوم هو الذي مكّنه من استقطاب الاستثمارات الدولية، تعزيز النشاط السياحي، وتنظيم فعاليات عالمية في جو من الطمأنينة والهدوء.

الأمن ليس مجرد حالة أو ظرفية؛ بل هو نتاج منظومة متكاملة تتطلب تضافر جهود جميع الفاعلين، من الدولة إلى المواطنين. لذلك، فإن تبخيس دور الأجهزة الأمنية، سواء عن جهل أو عن نية مغرضة، يُعد جريمة أخلاقية في حق أمة تعمل جاهدة للحفاظ على مكتسباتها وصيانة سيادتها في ظل عالم يتسم بالتوترات المستمرة.

ومن هذا المنطلق، فإن التحية الواجبة تُوجه إلى نساء ورجال الأمن المغربي، الذين يواصلون الليل بالنهار في سبيل ضمان استمرارية هذا الاستقرار. إن تأهبهم الدائم، حرفيتهم العالية، وإيمانهم الراسخ برسالتهم النبيلة يجعل منهم الحصن المنيع الذي يقف سدًا في وجه كل من تسول له نفسه تهديد أمن البلاد.

الاستقرار الذي ننعم به اليوم ليس ترفًا أو رفاهية؛ بل هو مكسب مهم يجب أن نحافظ عليه بوعي ومسؤولية. الأمن هو العمود الفقري الذي تستند عليه الدولة، وهو الضامن الأساسي لتقدم المجتمعات وازدهارها. لذلك، يجب أن يكون خطابنا تجاه هذا القطاع الحيوي خطاب تقدير وإجلال، بعيدًا عن التشكيك أو المزايدة، لأن الأمن ليس مجرد إنجاز مؤقت، بل هو ضرورة وجودية لحاضرنا ومستقبلنا.

٣٩ مشاهدة٠ تعليق

Comments


bottom of page